مثل وله حكاية:
( يوضع سره في أضعف خلقه)
كتبه: د. عادل سالم محمد خلف
يتداول بعض الناس هذه العبارة للدلالة على عظيم قدرة المولى سبحانه وتعالى ، وأنه سبحانه قد يُري الناس كمال قدرته في مخلوق ضعيف من مخلوقاته ، فيجعله آية وعلامة على كمال قدرته، ويظن البعض أنه حديث شريف ولكنه مثل من الأمثال الشعبية وليس بحديث وهو من الأمثال المستوحاة من كتاب الله سبحانه وتعالى
.فقال سبحانه:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ
مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) . سورة الحج
وسأروي للمثل قصتين راقا لي،
القصة الأولى:
لأسد جلس يستريح بعد وجبة دسمة حظى بها بعد مجهود كبير، استشعر الأسد حركة خفيفة خلف رأسه، وبسرعة شديدة تمكن بالقبض على صاحب هذه الحركة ووجده فأر فنظر إليه وهو بين أصابعه، والفأر ينظر للأسد والرعب مسيطر عليه، فقال له: يا ملك الغابة أنا مخلوق ضعيف ولا اسد جوعك فإن تركتني ربما انفعك في يوم وارد لك صنيعك وكرمك علي… تبسم الأسد وقال: وما هو الذي يحتاجه أسد مثلي من حيوان صغير وحقير مثلك،
فقال له: ما تدري فقد تحتاج لي بموقف لا يخطر لك
على بال، فكر الأسد وهو يستخف بما سمعه من الفأر،
و لكنه كان غير جائع وإن هذا الفأر الصغير لن يشبعه
إن كان جائع ، فقرر تركه. ومرت الأيام وحضر موسم الصيد ونصب الصيادون الشباك ووقع الأسد في أحدهم، وحاول الأسد التخلص منها والخروج من الحفرة ولكنه لم يستطيع، وكادت الحبال أن تخنقه، فأستسلم لقدره وأصابه اليأس.. وحل عليه الليل فسمع صوت من خلفه فالتفت لمكان الصوت فرأى الفأر يقرض الحبال حتى فتح فتحة كبيرة في الشبكة تكفي لخروج الأسد منها، وثب الأسد وخرج خارج الحفرة، ونظر إلى الفأر الصغير الذي ابتسم له وقال: ” ألم أقل لك بأنه من الممكن أن تحتاج لي في يوم من الأيام ” أنت الآن حر طليق بعدما كنت صيداً وغنيمة للصيادين…
يا مولاي الأسد: يوضع سره في أضعف خلقه يا مولاي.
القصة الثانية:
هي قصة مشهورة ومتداولة وهي من روائع الأدب العالمي بقلم الكاتب البرازيلي الشهير باولو كويلو. يقول فيها: ”كان الأب يحاول أن يقرأ الجريدة، ولكن ابنه الصغير لم يكف عن مضايقته؛ وحين تعب الأب من سلوك ابنه قام بقطع ورقة من صحيفة كانت تحتوي على صورة لخريطة العالم مزقها إلى قطع صغيرة وقدمها لابنه وطلب منه إعادة تجميع الخريطة.. ثم عاد لقراءة صحيفته.. ظناً أن الطفل سيبقى مشغولا بها بقية اليوم.. إلا أنه لم تمر دقائق حتى عاد الابن إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة! فتساءله الأب وهو مذهولا: “هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا؟! رد الطفل قائلا: “لا، لكن كانت هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة، وعندما أعدت بناء الإنسان، أعدت بناء العالم”…
كانت عبارة عفوية؛ ولكنها جميلة وذات معنى عميق “عندما أعدت بناء الإنسان، أعدت بناء العالم”،
درس عظيم في إعادة بناء العالم صدر من طفل صغير
ليعلم العلماء والحكماء أين السبيل..