قواسمية حسني (سأكتب يوما ما )

قواسمية حسني (سأكتب يوما ما )

يوما ما .. سأكتب عن الذين لا يلاحظهم أحد و يتخطاهم الجميع ..
عن فتاة متخبطة ،فشلت في أن تقول جملة واحدة دون أن تتلعثم أو تقضم أظافرها بإستمرار ،لأن لا أحد يغازلها ، هي تلف خصلات شعرها في توتر حين تسمع كلام أحدهم لأخرى ..
سأكتب عن ذلك الشاب الذي يجلس كل يوم بنفس المقهى .. يحرق عدة سجائر في رئتيه ، و يتحسس أصابعه وهي ترتجف..كان يجب عليهما أن يكونا أقوى مما هما عليه و أكثر تماسكا فى الوقت الذي ينهار فيه الجميع . .

يجب أن اكتب عن تلك الفتاة الجميلة ذات الشعر الأصفر الذهبي التي رفضت اخذ رقم هاتفي ذات يوم بجانب الثانوية
نعم سأكتب عنك رواية يلعنك كل من يقرأها
لا بد ألا أنسى أيضا أن أكتب عن تلك السيدة الأربعينية العزباء .. والتي صبغت شعرها لتخفي آلاما ، وتعطرت وتجملت لتضفي آمالا،حتى أحمر شفاهها يوحي بيأسها ، ذلك التعبير على وجهها كل مرة تسمع فيه عن فتاة في سن العشرين قد تزوجت,كم هو قاس ..
كانت بالأمس فقط تسرق خلسة أحمر الشفاه من أمها ، و تقرص خدودها باستمرار كي تكسبهم حمرة .. تتمنى لو أنها ورثت انف أمها،بدلا من أنف أبيها الذي يشبه معلما تذكاريا..
كيف يمكن أن يكون التذكار الوحيد الدائم لأب بمثل هذه الطيبة شيئا بهذا القبح ، و كيف لها أن تكتشف الجمال فى العالم و العالم يرفض بإصرار أن يلتفت لجمالها الداخلي..

يبدو أني سأكتب أيضا للائي لم تخبرهن أمهاتهن قط كم هن جميلات على طبيعتهن.. و أن أجسادهن التي يحشرونها في ملابس تكتم أنفاسهن ، و عيونهن الجميلة التي يخفونها تحت عدسات لاصقة رديئة النوع ليست الطريق الأنسب للزواج ..

يجب أن أكتب اعتذارا للشاب الذي لكمه أبوه .. و صفعه مدرسه ، و سخر منه أصدقاؤه و تركته الفتاة الوحيدة التي أحبها بصدق لأن ما يجنيه لا يكفي لكي تقابل به العالم ..
و سأشرح له أن الدنيا لا تعبأ بكونه طيبا أو جميلا بقدر ماتعبأ بنقوده ..

يبدو أني سأكتب وأكتب كثيرا ..
فأرجو ألا تتهموا منشوراتي بالبؤس والتشاؤم..
فليس من الضروري أن أقدم اجابات شافية لتساؤلاتكم كل مرة ، طالما قررت الحياة أن تتجاهلنا بدون ذنب،فلربما كتاباتي تخفف قليلا عنا وعنهم وطأة الألم .