_ إتضح أن النجوم قد تنزل إلى الأرض ، ليس ذلك وحسب وانما تأخذ هيئة البشر ،
إتضح أن المعجزات تتحقق ، و أن الخرافات والأساطير القديمة حقيقية ،
إتضح أن داخل هذا العالم عالم مختلف ،
إتضح أن خلف هذه الدنيا الكئيبة دنيا أجمل ..
قاطعه الطبيب النفسي متسائلا :
_ ” مالذي جعلك تؤمن بالحياة مجددا يا وليد ، أعني بعد محاولات انتحار لا تحصى ولا تعد وبعد يقين تام أنك ميت لا محالة ولا مجال لك لتتعالج ، مالذي غير رأيك وجعلك ما أنت عليه الآن “
_ السبب أني التقيت نجمة هنا على الأرض ..
_ وليد أنا جاد هنا ، بصفتي طبيبك من واجبي أن أحاول فهم ما يجول بخاطرك ولكن ساعدني قليلا من فضلك ..
_ كنت متأكدا أنك لن تصدقني ولكن يا سيدي أقسم لك أنني التقيت نجمة ، أتعلم أتضح أن النجوم قد تزور الأرض على هيئة بشر ، وفي تلك الليلة ، يوم كنت واقفا على حافة السطح ، لمحت نورا ساطعا مضيئا يلفت النظر ، لم يكن يبدو بعيدا عن البيت كثيرا ، ولأكون صادقا فضولي جعلني أؤجل فكرة انتحاري إلى ما بعد اكتشاف سر هذا الوميض ..
حين بلغت المكان المنشود ، إذ بي أرى كائنا ضوئيا غريبا ، كانت أنثى ، أنثى تلفت النظر ، أعني لفتت نظري أنا ، ” وليد كثير العقد النفسية ” لفتت نظره أنثى ..
تمعنتها بعناية ثم بادرت بالسؤال ” من أنتِ ..؟ ” اقتربت مني وهمست ” بهدوء ، الناس نِيام ، لا نريد أن نوقظ أحدا ، نريد الليل لنا وحدنا يا وليد ، لا أحد سوانا ..”
شعرت فجأة بالفوضى ، من هي .. كيف تعرف اسمي ، مالذي تعنيه بما قالت ، ولما أنا من بين الجميع ..؟ تساؤلات راودتني في ثوان لتقطعها هي بقولها ” أغمض عينيك “..
ظللت مُبهمًا غير قادر على فهم ما يحدث ، قالت لي مجددا ” لا تقلق أنا معك ، ثق بي ، أغمض عينيك ” ومن شدة رقة صوتها وجدتني أغمض عيني بشكل لا إرادي وكأن جفوني لم تعد ملكي ..
ثم ، كمن صُفع على وجهه ، فتحت عيوني في غبطة ، أقلّب الأطراف بنظراتي ، فلم أجد النجمة ولا المدينة ولا بيتي ولا العالم ، لم أجد شيئا سواي ، أتراني غفوت ..؟ أتراني في حلم ..؟
وجدت تعليمة كُتب عليها ابتسم يا وليد ،
ابتسمت ..
فطارت فراشة قُربي ،
وجدت رسالة أخرى تقول ” شكرا لجعل الفراشة تطير ، هلا تستمر في الابتسام من أجلي .. “
بينما أنا ما أزال مصدوما مما يحدث غير مدرك لما حلّ بي ، شعرت بدغدغة أسفل قدميّ ، نظرت إليهما فإذ بي أجدني أقف على شيء طري يشبه القطن ، اتضح أنها غيمة ، طرية جدا ، ناعمة جدا ، رقيقة جدا ، وناصعة جدا .. تعليمة أخرى وجدتها بالقرب مني ” وليد هذه الغيمة قلبي ، هلا تحبه من هنا فصاعدا ” .. سيدي أتعلم لست أدري كيف عدت إلى هنا ، ولكن صدقني يا سيدي منذ أن عدت وأنا شخص مختلف ، أحب الغيوم ، النجوم ، الفراشات ، أحب السماء ، الشمس ، القمر ، أحب الحياة ، أنا ابن الرماح وجدتني أنبت زهرا يا سيدي .. أتصدق .. !
سنوات مرّت ، حُكم فيها على وليد بالجنون بسبب ما قاله ، سنوات مرت ووليد يبتسم لحاله بين أسوار مستشفى الأمراض العقلية قائلا أن فراشة قد طارت ..❤️🦋
✍️ رحاب بن نصر