منذُ الصغر قبلتُ كل شيء، كل شيء حرفيًا عدا أن أكون عادية، أن أصبح كالبقية، رفضتُ المساعدات، خفت أن هذا سيقلل من شأني كثيرًا.
نهرتني أمي مرة ووصفتني بالأنانية والغرور، لم تشغل هذه الكلمات حيزًا كبيرًا من عقلي وقتها؛ لكنها الآن تفعل.
بطفولتي كنت الطالبة المثالية، كنت المفضلة لدى الجميع، أعجبني هذا وتشبثتُ لاستمراره قدر المستطاع
أخيرًا وجدتُ من يقدس ذاتي!
غرقتُ بمناوشات كما أي طالب فى هذه المرحلة، لا سقف لطموحاتي كما لا سماء لأنانيتي!
خضت حربًا مع هذا وحربًا مع هذه
أغراني حينها كوني الطالبة الأولى، التي لن تفشل أبدًا كما أنها بالتأكيد لن تتلقي العقاب من أحد.
فى نهاية الفصل الدراسي، قمت بسب طالبة فى الصف الآخر فقط لأنها مرت جواري دون أن تلقي التحية،
-سبب سخيف بت أعلم الآن أنه كذلك-
لكن وقتها شيء ما بداخلي أزعجني
عوقبتُ بشدة، لطمتني معلمة كنت أعتقد أنها تفضلني دائمًا، لم أشعر بالألم رغم أن وجنتي وقتها قد اصطبغت باللون الأحمر
كل ما شعرت به هو الخزي، وددتُ لو أقتلع يداها، لو ينعاد المشهد فتلطم تلك الفتاة وتخبر البقية أن يسفقوا لي!
لم أحتمل حقيقة أنني أصبحت كالأخرين، لا يمكنني أن أقبل،
لذا مع حرقة قلب وخجل عظيم غادرت المدرسة تمامًا والتحقتُ بأُخرى.
فى المراهقة أحببتُ شابًا بشدة، قدمتُ له الكثير، شعرتُ أن الضعف يتملكني كلما اقتربت منه، شيئًا ما ينهزم بداخلي كلما أحببته أكثر ربما غروري ربما مرة أُخرى أنانيتي!
غلبني الحب، سرت الطريق كله حافية القدمين إليه
توسدتُ حزني كل مرة قرر فيها أن يبتعد قليلًا، وجدتني على غير العادة أحتاج لأحدهم، استيقظتُ على واقع مؤلم، نظرتُ للمرآة وأكاد أجزم بأني وقتها لم أعرف من رأيت!
تركته؛
رغم يقيني الكبير أنني تركتُ جزء من قلبي وسكينتي معه، لا يهم،، هكذا أنا، فى الحقيقة هو يستحق ذلك
لم يحبني بالطريقة التي أردتها، وقع بغرامي كأنني فتاة عادية وأنا لم أكن يومًا عادية!
اليوم، أدفن نفسي كل ليلة فى سريري، يؤنبني عقلي كل ثانية ويرفض أن يهضم مجددًا كل تلك الأفكار البشعة التي لطالما دسستها به، وضعتُ أصفادًا على قلبي وأبيت أن أنهزم أمام جميع الأشياء والأشخاص، نسيتُ أنه إذا أردتَ أن تنجح يومًا لا بد أن تتلقى بصدرٍ رحب بعض الهزائم.
ألهذا الحد أصبحتُ وحيدة؟
أجل أصبحت،
الفرح لا يأتي،
أنا الآن محاطة بالكثير والكثير من الخيبة والأنانية، لم ينفعني غروري ولا أدرى إلى متى سأظل أبحث عن نفسي
ربما هذه هي نهايتي، سأظل كما أنا
أغرق ببحرٍ واسع، أفقد القدرة على التنفس حتى أني أرى الموت من بعيد يلوح لي ويبتسم
لكني لا أستطيع رغم حاجتي المُضنية للقشة أن أُمسكها
لا يمكنني أن أقبل أبدًا.