نصاف سالم ضيفاوي تكتب ” لغائبي أكتب “
أكتب ، أكتب ولا تستطيع قراءة كل شيئ في رسائلي .
فلا أنت قادر على رؤية دموعي و حرقتها ولا أنت تشعر بكم الشوق إليك ولا أنت سامع نبرة صوتي .
أكتب بكل حنان وعطف ولا تصلك إلا مجرد حروف متلاصقة قيل أنها قد كونت كلمة لكن لا تعبر عما يخالج صدري . ففي الساعات المتأخرة من ليلي الطويل يحط السواد ترحاله وسط غرفتي ، يدلي بستاره الأسود عيناي فلا أنا أبصر و لا أرى سوى كلمات تتراقص بسقف الغرفة . أرمي اللحاف وتتسارع يداي إلي مكتبي بين المحبرة والأوراق لترتيب تلك الكلمات . لكن و ياخيبتي للعلم بجفاف محبرتي …
دقائق شرود ثم عدت أتلفظ _ ” لا بأس بدمعي أكتب ” _ أكتب أشياء لا تحاكي اللحظة ذاتها مادمت قارئ ولست مشاهد مباشرة . بدمعي أكتب عن الحب عن الحنين عن الحزن ، أكتب أسرار …
أكتب لك بلحن يمزق الوريد عشقا ، أكتب لك بيد تعزف مرتجفة على أوتار وجعي ، أكتب لك بأنّات مدفونة و بآهات تتهادى لحنًا و مغنى ، أكتب لك بدمعي الذي يأبى الإعتراف بوجع الشوق والفقدان … أكتب لك حتى و إن كانت الكلمات لاتروي كل شيئ .
فما إن هممت الي الكتابة أجد أن الذكريات قد تسربت إلى قلبي و أن كل شيئ مُهيئا للخلود .
أمسك قلمي فتنهال القصائد عشقا ، أكتب عنك فيظنونك حبيبًا يعشقني و يظنونك حبيبا أعشقهُ ، لا يعرفون أنك النبض ، أنك الوطن و الأوطان بالروح نفديها … أكتب علّني بالحروف أنشأ جسرا بيننا ، أكتب عساك تخرج من بعض الكلمات لوصلي لكن الكلمات صمّاء فبعض المشاعر أعمق من أن يلتقطها قلم من محبرة الروح .
دائما ما أشعر و كأنك جمهوري فأكتب لك بدافع منبعث من القلب بما أنك تقرأ أحرفي بتمعن ، أنتقي أجمل أحرف أبجديتي و أعطّر قلمي حتى يخرج من فمه ما يليق بك و ما إن كتبت إسمك تناثرت الورود على الورق وأزهر قلبي … أكتب حتى تؤرقني الكتابة وتهرب الحروف ، فوالله بمجرد أن أكتب لك يهدأ عقلي .