دراسة بعنوان: الماورائيات وهل تؤثر في الواقع ؟


#خاص_بمختبر_سرديات_دمياط

بقلم / الكاتب والناقد الأدبي/ محمد طاهر

رواية ” أبلسة إنسية- الفتنة العظمي”

للكاتبة/ إنجي مطاوع

مقدمة:- قدمت لنا الكاتبة رواية عبر ٣٠٠ صفحة تقريبا ً تقدم من خلاله طرح ما نتفق أو نختلف معه هذا ليس إشكالا ً، ولكن السرد و ما وراء هذا السرد، كذلك المعالجة السردية كي تقدم خطاب سردياً متماسك هو ما يجعلنا نتحرك مع الكاتب في رحلة طيران نقلع من السطر الأول حتي جملة النهاية حتي نحكم علي هذه الرحلة علينا بدراسة لغته و أسلوبه و قوة دلالة ألفاظه ، المشهدية وتميزها حتي يجعلنا نري عوالمه عبر سطوره و نلتحم مع شخوصه عبر الحوار القائم بينهم وكذلك خلق انحياز في وعي القارئ دون مباشرة ، ولقد اتبعت منهج إحصائي من قاموس الكاتبة حتي أجعل منه نواة أولية لتحليل ما وراء الحكاية من خلال نظرة علي قاموس الكاتبة إنجي مطاوع ومدي تأثرها في اختيار مفرداتها و تكرار ات لها دلالة من بنية عوالمها والتي جاءت كما يلي:-الرب ٢٨ ، الإله مرة واحدة و كما هو معلوم يوجد حق ألوهية وله دلالته و حق ربوبية وله دلالته. النور ١٥ مرة ، الظلام ٢٧ ، وهذا يدل علي أن أغلب الأجواء و الأحداث التي تدور في طيات حكي الرواية غلب عليها الريبة و عدم الوضوح كل ما دل عليه الظلام من معان دالة وهذا يتفق مع المرويات التي تكلمت عنها الكاتبة في عوالم الماورائيات و المفرطة في الغيبية وهذا متسق مع السياق السردي الذي ترنو له الكاتبة و أسست له فوجدنا النور والذي يشير للوضوح والصفاء والخير وغيرها من قيم إيجابية جاء تقريبا نصف عدد الظلام.

تكرر لفظ الجحيم ٢٢ مرة و هذا متسق مع الظلام و كمية القتل و الدمار الذي اشتملته أجواء الرواية و التي تتسق مع نظرية الأسباب و النتائج بمنطقية رغم أن عوالم الكاتبة خارج عوالم المنطق و لكنها بهذا الطرح ربما كان محكوم بمنطق يدلل علي النتائج الإحصائية التي أشرت لها فليس غريب غياب الجنان و الأنهار و كل مظاهر النعيم.  تكرر إبليس ١٤ مرة ، شيطان ٨١ مرة و عفريت ٣ مرات و كل واحدة منهم لها دلالتها الخاصة في روع المتلقي و حتي برغم التعدد لكننا لازلنا في عوالم غيبية و مسيطر عليها الشر ، فالشر محور ديناميكي في السرد و يفرض دراما حقيقية تدفع المتلقي للتفاعل مع الكاتب كي يجد معه المخلص الذي يأتي بالخير و ينتصر له في الحياة من خلال شخوصه و تبنيه قضاياه و هذا من روعة الأدب في خلق الانحياز داخل قلب و عقل المتلقي بلا مباشرة فجة و لا غموض مغلقة أطرافه.تكرر لفظ الأرواح ١٨ مرة ، والسماء ١٨ وهذا ليس غريب فالروح موطنها السماء فعند النوم و الموت تطلع للسماء و هذا مصادقة جدا مدهشة أن يحدث هذا التطابق كأنها علاقة المواطن بوطنه بينما تكررت الأرض ٩٤ مرة ، فكم كانت الأرض موطن للشر حتي قبل أن يسكنها الإنسان و هذا مرتبط بالظلام و الخيبات التي ارتبطت بها أحداث الرواية كرمز لهذا العالم الذي في واقعنا يعانيه وهذا ربما إحدى نقاط الخطاب السردي التي أرادت منه الكاتبة أن تشر له عبر الكتابة الغرائبية التي اتخذت منها ستار تتخفي خلفه فهو ذكاء منها حيث قوانين هذا العالم مرنة و فضفاضة تسمح للكاتب أن يكسر فيها أي قيد بلا لوم عليه جاءت تكرار الحياة ٢٧ مرة وكذلك الموت ١١ مرة، وربما كان هذا الموت هو سر هذه الحياة و كأن الموت ممر لحيوات أخري. تكرر لفظ مؤمنين مرة واحدة و هذا أمر أثار في نفسي ولع لأحد تفسير لهذا ، ربما كانت الكاتبة عندها الإيمان و هو العقيدة أيه كانت ليست محور هام في سردها عن شخوص روايتها و كأنها كانت تطلب منهم التحرك بمنطقية و مادية فهي من البداية ظهرت بمنهجين متناقضين و هو التقديم قبل الولوج في فصولها ببعض الأسفار من العهد القديم و كذلك التمسك بالعلم مثلما أشارت في رمزية هامة لواحد من أهم علماء الطبيعة و هو آينشتاين بل و أنت بواحدة من أهم المعادلات الفيزيائية له ربما هذا الطرح كان يشير لعالم يفتقد الإيمانيات العقائدية و معتمد بشكل كبير علي العلوم المادية و لكن هذا متناقض مع طرح رواية بأكملها في السحر و الجن و الألبسة ثمة اختلاط مربك بعض الشيء للقارئ فهل الخروج من مآزق الحياة عند الكاتب هي بالإيمان و الايدلوجيا أم بالعلم و المادية التي تفرضها النظريات العلمية وهذا مرتبط بالمنطق أم بالجن و السحر و غيرها من اللامنطق.تكرر لفظ العالم ٤٣ مرة و السفلي ٤١ مرة وهذا التقارب متسق مع أجواء الكتابة التي تحكي عنها الكاتبة و يؤكد لنا مدي توكيدها علي المكوث في هذه البقعة عبر سردها في الرواية. تكرر لفظ الزواج ١٤ مرة رغم قلة العنصر الأنثوي في زمن الرواية و لكنها إشارة دالة علي أهمية هذه العلاقة حتي في ندوة وجود المرأة عبر الحكايات رغم أنها عنصر رئيس في العالم محرك للأحداث ومؤسس لهذه العوالم و دافع له وربما هذا التباين في العدد بين تكرار الزواج ١٤ مرة و كذلك ندرة المرأة يدل أنها ربما حل للغز داخل الرواية فليس مهما ً أن تكرر كثيرا بل المهم قوة تأثيرك وأهميتك.

تكرر لفظ القتل ١٠٠ مرة وهذا متسق مع أجواء الشر والسحر والدمار التي أشارت لها الكاتبة.في النهاية هذا النمط من الكتابة و هذه العوالم الغير واقعية و التي يجب أن يكون لها مبرر فني قوي و معالجة خاصة حتي تصل بخطابها السردي للمتلقي وتترك فيه الأثر المطلوب فالحوارات داخل الراوية كانت حاضرة بقوة وهذا يدلل علي مدي التفاعل بين شخوص الرواية و كان هذا لابد له من أثر أقوي في جذب المتلقي بزخم أكبر من خلال تكتيكات الكتابة و التشويق فالتشويق والإثارة عنصران هامان في الكتابة السردية بدونهما لا تسر عربة القراءة بكفاءة فهما الوقود لخلق شغف للقارئ ، الرؤية هامة جدا ً في الأدب و تميز كاتب عن آخر سواء بوعي ودراية في فهم الواقع أو من خلال استقراء المستقبل و كذلك قدرته علي فهم التاريخ و إعادة إنتاجه من خلال الطرح الذي يقدمه كفن للمتلقي يجلب له المتعة وكذلك كشف لعوالم جديدة له حتي وإن كان معايش لها ويظن أنه منتبه لأحداثها و متفاعل معها.محمد طاهرالسبت/  ٥ نوفمبر ٢٠٢٢

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.