بريشة ذهبية الكاتب التونسي ماهر ميساوي يكتب مفتاح الجنة


بريشة ذهبية الكاتب التونسي ماهر ميساوي يكتب مفتاح الجنة

كان مشهدا دمويا لم يسبق لي أن أبصرت شيئا مشابها له، بينما كنت أقف أمامي تناولت السكين بكل تلهف و أولجتها كيان صدري كأنني كنت أرى عدوا لي بتلك المرآت و ليس وجهي النحيل البريئ،
لقد أوغلتها صدري بكل غيظ هكذا دون أن أدرك أنني أطعن نفسي بتلك الشراسة و العجيب أنني كنت أهزق هزقا مرعبا و كأنني أتلذذ بما يحدث، حسنا أنا لا أخفي الأمر لقد كنت أترفه فعلا بالحدث إلى حد كبير، لكن الغريب أنني لم أشعر بنشاب السكين و حدته بين أضلعي بقدر ما أشعر بهذه الرحمة الآن.
أتذكر تماما كيف أصبحت في اليوم الموالي لتلك الليلة،
فلقد رأيت بأن جفوني لم تعد مترهلة و الهالات أسفل عيناي إختفت تماما، كلوح صدري هو الآخر ترحل عنه، و أصبح تنفسي يسيرا دون الحاجة إلى بخاخة التنفس الخرقاء تلك،
لم أكن مدركا للأمر لكني بتت أشعر بـدعة تجتاحني و تجوب فيّ بين ثنايا تفاصيلي، كان الأمر أشبه بالسحر تماما لقد تغيرت كل شيئ فجأة إيجابيا،
تحولت حياتي في طرفة عين إلى ساحة من الهدوء و السكينة إنزاح عني الأرق و بتت أنام طول الليل بل و أكاد أنام النهار أيضا، لقد إستقام الحال و أنا الذي كنت أظن أنه لن يستقيم لي ما حييت، لقد تفرغ الشك مني و أسقطت ذلك القلق اللعين الذي كان ينغص عني عيشي و يفسد يومي و لحضاتي الجميلة،
لم تعد غرفتي المكان المفضل لي و لم يعد الظلام مهربي حتى الأسود لم يعد يليق بي
لقد إنقشع كل ذلك اليأس و الإحباط و إختفى معه إنفصامي اللعين
و ها قد خرجت للعالم أقودني لزوايا الكون الممتدت أمام بصري،
ركضت نحو الربيع و رميت رداء الشتاء خلفي لقد تركت وجهي النحيل و تعابيره الحزينة ورائي لقد ركضت بكل ما فيا من تأجج للطاقة و للحياة،
بل و صرت أمقت تلك العزلة اللعينة و أصبحت أملك ألف سبب لأحلم و ألف سبب لأحيى و ألف سبب لأبقى هنا و أرى العالم بجماله كما هو عليه،
إنني أحيى يا أمي،
أنا أقف بمفردي اليوم أمام تفاصيل اليوم دون أن ينفطر قلبي أو أن تغمرني تلك الحرقة التي كانت تكدر صفوي و تعمي عيناي عن هذه الفتنة الخلابة.
لقد[…]،
لقد إستحق مني الأمر فقط أن أضع تلك السكين في صدري لأكثر من مرة حتى يتسرب مني ذلك الشعور إلى الخارج،
لا أتذكر أنني أحكمت قبضتي يوما بتلك القوة التي أمسكت بها ذلك السكين، كأنني رأيت فيه خلاصي و نجاتي لقد كان بمثابة الحل، لقد كان الطريق الوحيد نحو الربيع، كانت أشبه بمفتاح الجنة[…]،
و أنا اليوم على خير ما يرام و قد إنزاح عن كتفاي كل ذلك الحمل، لكنني أتسائل كيف للمرء أن يحيى بعد موته؟

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.