“الآمال العظيمة تصنع الأشخاص العظماء ” جملة قالها المخترع العظيم (توماس إديسون)، ولا شك أنها مثالًا حيًا ينطبق على صاحب الضحكة البريئة، الفتى الذي تحمل المسؤلية بوفاة والده وهو لايزال في السابعة عشرة من عمره، هو ابن الفنان الراحل (سمير ولي الدين)، الذي قد يكون ظهوره على الشاشات قليلًا إلا أنه ترك بصمة على خشبة المسرح، ومن منا ينسى الرجل الذي يتسم بالبدانة والصوت الفخم؟
إنه فراش مسرحية “مدرسة المشاغبين”، ورافق خالد الذكر (عمر الحريري)في “شاهد ما شافش حاجة “، الآن قد عرفتموه، نعم هو الفنان الراحل (علاء ولي الدين) الذي خلع جلباب البراءة ليصبح معينًا لأخوته، لكنه لم ينس أبدًا حلم الطفولة الذي ظل يراوده بأن يصبح ممثلًا مثل أبيه، وكان علاء يعلم أن الطريق للحلم صعب وطويلًا ومع هذا كان يمني نفسه بأن الصعوبة هي التي تصنع الإنسان وتقوي من عزيمته، ولم تشغله رعاية أسرته عن الدراسة، وبعد حصوله على الثانوية العامة، ذهب بصحبة صديقه الممثل محمد الصاوي لتقديم أوراقه بالمعهد العالي للفنون المسرحية، واجتاز أول امتحان وكان امتحانًا تحريريًا، وعندما جاء موعد امتحان اللجنة
طلب منه تجسيد مشهد تمثيلي بالفصحى وآخر بالعامية، انفعل وقدم مشهدًا من مسرحية عالمية تدرب كثيرًا عليها، ثم قدم مشهدًا كوميدي بالعامية، ولم يكن يتوقع أن تكون النتيجة بهذه السرعة، لقد رسب في الامتحان، الجميع أعلن أن الفتى البدين لا يصلح للتمثيل خرج يتصبب عرقًا ، لكنه لم ييأس وحاول ثانية وفشل مرة أخرى يبدوا أن الحظ يعانده فما كان منه أن ذهب إلى قهوة “بعره” بشارع عمادالدين، حيث يجلس الكومبارس، قال في نفسه : من هنا سوف أبدأ..
من المضحك أنه كان لا يملك المال الكافي لطباعة كروت شخصية عليها اسمه ورقم هاتفه فلجأ للحيلة، أتى بورق كارتون وأخذ يقطعه في حجم الكروت المطبوعة وراح يوزعها على كل ريجيسير أو مندوب إنتاج وهو يمازحه:
“أتمنى لو كان عندك دور يناسبني كلمني على طول.. هتلاقيني قدامك في اي وقت وأى مكان.. عندي الملابس كلها.. أى دور مش مهم حتى لو صامت مفيش مانع “
وكانت فرحته بعد طول غياب حين ظهر في مشهد وهو يمر أمام الكاميرا دون أن ينطق بكلمة واحدة، اعتبر علاء أن هذه بداية الطريق في مشوار النجاح..
ومن منا يستطيع أن ينسى أدواره في على خشبة المسرح أو على شاشة السينما والتلفزيون، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر..” زهرة المجهول، ومسرحية مطلوب للتجنيد، وأفلام.. ابتسامة في عيون حزينة، وفيلم لعدم كفاية الأدلة، وأيام الغضب، ورسالة إلى الوالي، وحرب الفراولة، والإرهاب والكباب، والمنسي، والنوم في العسل، وقشر البندق، ثم البطولة اللامعة في فيلم.. عبود على الحدود الذي حقق ما يزيد على العشرين مليون جنيه إيرادات.. حقق فيها طفرة على أبناء جيله حينها، السقا، وكريم عبدالعزيز، وهنيدي الذي أخذ ينافسه وبقوه فيما سمي ذلك الجيل بجيل الشباب. ولن نستطيع أن ننسى دوره في فيلم الناظر، حيث جسد دور الأب عاشور والإبن صلاح والأم جواهر، مما يدل على عبقرية فذة لن تأتي السينما بمثلها.
ذلك كان جزء يسير من مسيرة فنان ترك بصمة فينا بابتسامته العفوية، ودليل على قيمة الصبر والتحمل في سبيل تحقيق الحلم، ومن منا ياسادة لا يملك حلم..
#محمودحامد


